أعلنت منظمة الصحة العالمية قرارها على لسان مديرها العام السيد تيدروس أدهانوم غيبريسوس باعتبار فيروس كورونا فاشية جائحة أو ما يعرف باللفظ الدارج الوباء العالمي، فما انعكاس ذلك على انتشار المرض ومحاولات احتوائه؟ وما يعني ذلك بالنسبة لنا؟
سأحاول في هذه العجالة أن أشرح ذلك بالإجابة على هذه الأسئلة مستنداً على كلام السيد غيبريسوس في مؤتمره اليومي ومصادر أخرى:
ما الفرق بين الجائحة والوباء والفاشية؟ يشير مصطلح الفاشية (Outbreak) إلى زيادة أعداد المصابين بمرض معين في منطقة جغرافية محددة أو مجتمع معين عن العدد المتوقع، وقد تُصنَّف حالة مرضية واحدة فقط أو عددٌ قليل من الحالات فاشيةً في حال حدثت في مجتمع يُتوقَّع غياب المرض فيه نهائيًّا أو في مجتمع غاب عنه المرض مدة طويلة، وقد تظهر الفاشية في عدة مجتمعات على نحو متزامن. أمّا الوباء (Epidemic) فهو زيادة -مفاجئة وسريعة غالبًا- في عدد حالات المرض على نحو أعلى من المتوقع في مجتمع معين كما هو الحال مع الفاشية؛ لكنّه يمتد على رقعة جغرافية أوسع. وتحدث الجائحة (Pandemic) عندما ينتشر الوباء إلى عدة بلدان أو قارات، وعادة ما يُصاب عددٌ كبير من السكان.(1)
وإن وصف الوضع بالجائحة لا يغير شيئاً في تقييم المنظمة للتهديد الذي يشكّله هذا الفيروس. ولا يغير شيئاً في ما تقوم به المنظمة ولا يغيّر شيئاً مما يتعين على البلدان القيام به.
ولم يشهد العالم من قبل جائحة يسببها فيروس من فيروسات كورونا. فهذه أول جائحة يسببها فيروس كورونا.
وفي الوقت ذاته، لم نشهد من قبل جائحة يمكن السيطرة عليها كهذه.
ما السبب في إعلان كوفيد - 19 فاشية جائحة؟
سببان رئيسيان:
بسبب سرعة ونطاق تفشي العدوى.
فقد بلغ عدد الحالات التي أُبلغت بها المنظمة 000 125 حالة من 118 بلداً وإقليماً. وخلال الأسبوعين الماضيين، سجّل عدد الحالات المبلغ عنها خارج الصين زيادة بمقدار 13 ضعفاً، وازداد عدد البلدان المتضررة بمعدل ثلاثة أضعاف.
ما يساور منظمة الصحة العالمية من قلق بالغ إزاء قصور النهج الذي تتبعه بعض البلدان عن مستوى الإرادة السياسية اللازمة للسيطرة على هذا الوباء، رغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها المنظمة في هذا الصدد.
ما واجب الدول تجاه هذا الوباء؟
وصف الوضع الحالي بالوباء لا يعني أن على البلدان أن تسلّم أمرها. ففكرة انتقال البلدان من الاحتواء إلى تخفيف الأثر هي فكرة خاطئة وخطيرة، بل على العكس، علينا أن نضاعف جهودنا.
هذا الوباء يمكن السيطرة عليه. والبلدان التي تقرر التخلي عن تدابير الصحة العمومية الأساسية قد تجد نفسها في مواجهة مشكلة أكبر وعبء أثقل على نظامها الصحي، مما قد يتوجب تدابير أشد قسوة للسيطرة على الوضع، ويتعين على جميع البلدان أن تسعى لإيجاد توازن دقيق بين حماية الصحة والحدّ من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وحماية حقوق الإنسان.
ويجب على جميع البلدان اتباع نهج شامل يتواءم وظروفها المحلية، على أن يكون الاحتواء ركيزته الأساسية.
ما المحاور الاستراتيجية لاحتواء الوباء؟
أولاً، التأهب والاستعداد.
ما زال هناك 77 بلداً وإقليماً لم تبلغ عن أي حالات، و55 بلداً وإقليماً أبلغت عن 10 حالات فقط أو أقل، وجميع البلدان التي أبلغت عن حالات لديها مناطق لم تتأثر بعد، وما زالت الفرصة متاحة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، فعلى الدول تهيئة الناس ومرافق الرعاية الصحية لهذا الغرض.
ثانياً، الكشف والحماية والعلاج.
من البدهي ألا يمكن محاربة فيروس لا يُعلم مكانه!
وما يعنيه ذلك هو ضرورة تطبيق إجراءات تَرصّد مُحكمة للعثور على كل حالة وعزلها وفحصها ومعالجتها كي يتسنى كسر سلاسل الانتقال.
ثالثاً، الحدّ من الانتقال وكبحه.
يجب أن نحدّ من نطاق انتقال الفيروس كي يتسنى إنقاذ الأرواح. وهذا يعني تقصي أكبر عدد ممكن من الحالات وعزلها وفرض الحجر الصحي على أقرب مخالطيها. فحتى لو لم يكن وقف الانتقال ممكناً ولكن سيكون بالوسع إبطاء وتيرته وحماية المرافق الصحية ودور المسنين والأماكن الحيوية الأخرى، لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا أخضعت كل الحالات المشتبه فيها للفحص (وهذا ما قامت به السلطات المختصة في دولة الكويت مؤخراً).
رابعاً، الابتكار والتعلم.
نحن أمام فيروس جديد ووضع جديد. والجميع بصدد التعلم وإيجاد طرقا جديدة للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح وتقليل الأثر إلى أدنى حد ممكن. ولدى كل البلدان من الدروس ما تتقاسمه في هذا المجال.
ولم تزل منظمة الصحة العالمية تعمل دون كلل على مدار الساعة من أجل دعم البلدان كافة.
موقع الباحثون السوريون. https://www.syr-res.com/article/20722.html
Comments